ذكــــريـــات

مازلت أذكر فستانها الوردى الصغير و شعرها الأسود المنسدل على كتفيها , مازلت أذكر بسمتها و نحن نلعب و نجرى و نمرح تلفنا سعادة اللهو التى تميز الصغار , و كأن العالم عندنا قد توقف عن المسير ولم تعد فيه الا تلك اللحظات , براءة الطفولة تعطر الوجود من حولنا و تجعل كل ناظر الينا مجبر على الابتسام

كنا أربعة , هم ثلاثة أخوة , لم أشعر يوما أنى غريب بينهم , فمنهم رفيق الصبا و منهم أختى الكبيرة و كانت هى رابعتنا . كانت دوما تدفعنى فى ألعابنا أن أكون فارسها الصغير و كنت أعشق أن أكون هذا الفارس , كانت فى مخيلتى الصغيرة أميرة حكاياتى التى أعتدت أن اسمعها من أمى قبل النوم , نرسم فى ألعابنا قصور شاهقة و بحار واسعة ووحوش مخيفة و مغامرات مثيرة تنتهى دوما بانقاذى لها

كان فراقها دوما مؤلم_أنت تعلم كيف يعشق الأطفال البقاء فى عوالم الخيال_ولكن الوعد باللقاء غدا كان يهون الخطب علينا جميعا و حتى حينما باعدت بيننا الايام برحيلنا خارج البلاد , أصبح الدهر عندى أيام أعدها بترقب و شوق انتظر موعد رجوعنا حتى الاقى اخوتى و أميرتى

و كانت أصعب أيامى الصغيرة يوم علمت أن بقاءنا على هذا الحال هو ضرب من ضروب الخيال , حين علمت أننا نكبر و أنه لايصح أن نظل هكذا كما كنا , تمنيت ساعتها لو أن الزمن توقف لنكمل لهونا الصغير بعيدا عن هذه المهاترات التى حدثونا عنها , ولكن بسنة الأقدار مرت علينا الأيام و أصبحنا لانملك مما مضى سوى الذكريات

واليوم…رأيت أميرتى مع فارسها الحقيقى و البسمة و الفرحة تلفهما تربط على أيديهما المتشابكة , فرحة أثلجت صدرى و أسعدتنى , مازالت فى بلادى المسكينة التى أنهكها الفساد و الجوع و الفقر آمال جديدة ترسم , و آفاق مستقبل واعد تتكون , لقد أدخلت أختى و فارسها الجديد على قلبى سعادة طال غيابها عنى….ياه يا أميرة الصبا لكم غيرتنا الأيام حقا !…لكم غيرتنا الأيام